كيف أصبحت أسماؤنا أعجمية؟

فالجواب: بترك كتابتنا لكلمة (ابن) بين اسم الابن وأبيه، وهذا مما أزعجني وجوده في منتدى تربوي تعليمي وبين معلمين أفاضل، فنحن بطريقتنا في الكتابة والتحدث والعمل نعلّم الآخرين؛ حيث ينظر نظرة خاصة بسبب وجود في بيئة تعليمية تربوية لأبناء المجتمع..

ولعل سائل يقول: كيف حكمت على هذه الطريقة، فأجيبه بما ذكره
فضيلة الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد -رحمه الله- في " مُعجم المناهي اللَّفظيَّة " ( ص 495، 496 ):
( محمد أحمد:
ونحو ذلك مما يُرادُ بالأوَّلِ اسمُ الشَّخص ( الابن ) وبالثَّاني اسم أبيه؛ أي: إسقاط لفظة ( ابن ) بين أعلام الذَّواتِ مِنَ الآدميِّين.
الجاري في لسانِ العَرَب، وتأيّد بلسانِ الشَّريعة المُشرَّفة: إثباتُ لفظة ( ابن ) في جرّ النَّسَبِ، لَفظًا ورقمًا، ولا يُعْرَفُ في صَدْر الإسلامِ، ولا في شيءٍ من دواوين الإسلامِ، وكُتُبِ التَّراجم، وسِيَر الأعلام= حَذْفُها البتَّة؛ وإنَّما هذا من مُولَّدات الأعاجم، ومن ورائهم الغَرْب الأثيم، وكانَتْ جزيرةُ العَرَبِ مِنْ هذا في عافيةٍ؛ حتَّى غشَّاها ما غشَّى مِن تلكم الأخلاط، وما جَلَبَتْهُ مَعَها مِنْ أنواعِ العُجْمةِ، والبِدَع، وضُروب الرَّدَى؛ فكان مِنْ عَبَثِهم في الأسماءِ إسقاطُ لفظةِ ( ابن )، وما كنتُ أظنُّ أنَّ هذا سيحلُّ في الدِّيارِ النَّجْديَّة؛ فللَّهِ الأمرُ من قَبْلُ ومِن بَعْدُ.
ومن لطيفِ ما يورَد: أنَّنِي لَمَّا بُليت بشيءٍ من أمْرِ القضاءِ في المدينة النبويَّة -على صاحبها الصَّلاة والسَّلام- وذلك من عام 1388 هـ حتَّى عام 1400 هـ؛ ما كنتُ أرضَى أن يُّدوَّن في الضُّبوطِ ولا في السِّجِلاَّتِ أيُّ عَلَمٍ إلاَّ مُثبَتًا فيه لفظةُ ( ابن )؛ فواقفَني واحدٌ من الخُصُومِ؛ فقلتُ له: انسب لي النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-؛ فقالَ: هو محمَّد بن عبد الله؛ فقلتُ له: لماذا لَمْ تَقُلْ: محمَّد عبد الله؟ وهل سَمِعْتَ في الدُّنيا من يَّقولُ ذلك؟ والسَّعادةُ لِمَنِ اقتدَى بِهِ، وقفى أثره -صلَّى الله عليه وسلَّم-؛ فشكَرَ لي ذلك.
وهذا من حيثُ الجانبُ الشَّرعيُّ، وأمَّا مِن حَيْث قوامُ الإعرابِ؛ فإنَّكَ إذا قلتَ في شخصٍ اسمُه: أحمد، واسم أبيه: محمَّد، واسم جدِّه: حَسَن؛ فقلتَ: ( أحمد محمَّد حَسَن )، وأدخلتَ شيئًا من العواملِ= فلا يستقيم نطقُه ولا إعرابُه؛ لعُجمة الصِّيغة، وقد وَقَعَتْ بحوثٌ طويلةُ الذَّيل في " مجلَّة مجمع اللُّغة العربيَّة بمصر "، ولَمْ يأتِ أحدٌ منهم بطائلٍ؛ سِوَى ما بَحَثه العلاَّمةُ الأَفيق الشَّيخ / عبد الرَّحمن تاج - رحِمَهُ الله تعالَى - منْ أنَّ هذه صياغةٌ غيرُ عَرَبيَّةٍ؛ فلا يتأتَّى إعرابُها؛ إذِ الإعرابُ للتَّراكيبِ سليمةِ البِنْية؛ فلْيُقَلْ: ( أحمد بن محمَّد بن حَسَن )؛ فلندعْ تسويغ العُجْمة، ولنبتعدْ عَنِ التشبُّه بالأعاجم؛ فذلك مِمَّا نُهينا عنه، والمشابهةُ في الظَّاهر تدلُّ على مَيْلٍ في الباطن كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ [ البقرة / 118 ].
وفي: ( الإيضاح والتَّبيين لِمَا وَقَع فيه الأكثرون مِن مُّشابَهةِ المُشركين ) للشَّيخ حمود بن عبد الله التّويجريّ= بحثٌ مُّطوَّل مُّهِمٌّ في هذا؛ فليُنظَرْ، واللهُ أعلم ) انتهَى.